فصل: (156) بَابُ الْأَمْرِ بِأَنْ يُصَامَ قَبْلَ عَاشُورَاءَ يَوْمًا أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا مُخَالَفَةً لِفِعْلِ الْيَهُودِ فِي صَوْمِ عَاشُورَاءَ.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صحيح ابن خزيمة المسمى بـ «المختصر من المسند الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم» ***


جُمَّاعُ أَبْوَابِ صَوْمِ التَّطَوُّعِ

‏(‏141‏)‏ بَابُ فَضْلِ الصَّوْمِ فِي الْمُحَرَّمِ إِذْ هُوَ أَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى ‏,‏ وَمُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ‏,‏ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ- وَهُوَ ابْنُ عُمَيْرٍ- عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْتَشِرِ ‏,‏ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏,‏ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْفَعُهُ- قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى- إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ‏:‏ سُئِلَ‏:‏ أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ‏؟‏ وَأَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْمَكْتُوبَةِ الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ ‏,‏ وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ رَمَضَانَ شَهْرُ اللَّهِ الْمُحَرَّمُ‏.‏

‏(‏142‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ شَعْبَانَ وَوَصْلِهِ بِشَهْرِ رَمَضَانَ؛ إِذْ كَانَ أَحَبَّ الشُّهُورِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَصُومَهُ

حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ الْخَوْلَانِيُّ ‏,‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ ‏,‏ حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ وَهُوَ ابْنُ صَالِحٍ- أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي قَيْسٍ ‏,‏ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ‏:‏ كَانَ‏.‏‏.‏‏.‏

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ‏,‏ عَنْ مُعَاوِيَةَ ‏,‏ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَيْسٍ ‏,‏ أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ تَقُولُ‏:‏ كَانَ أَحَبَّ الشُّهُورِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَصُومَهُ شَعْبَانُ ‏,‏ ثُمَّ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ‏.‏

‏(‏143‏)‏ بَابُ إِبَاحَةِ وَصْلِ صَوْمِ شَعْبَانَ بِصَوْمِ رَمَضَانَ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَعْنَى خَبَرِ أَبِي هُرَيْرَةَ ‏,‏ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلَا تَصُومُوا حَتَّى رَمَضَانَ أَيْ‏:‏ أَلَا تُوَاصِلُوا شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ فَتَصُومُوا جَمِيعَ شَعْبَانَ ‏,‏ أَوْ أَنْ يُوَافِقَ ذَلِكَ صَوْمًا كَانَ يَصُومُهُ الْمَرْءُ قَبْلَ ذَاكَ ‏,‏ فَيَصُومُ ذَلِكَ الصِّيَامَ بَعْدَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ ‏,‏ لَا أَنَّهُ نَهَى عَنِ الصَّوْمِ إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ نَهْيًا مُطْلَقًا‏.‏

أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ الْأَيْلِيُّ ‏,‏ أَنَّ سَلَامَةَ حَدَّثَهُمْ ‏,‏ عَنْ عُقَيْلٍ ‏,‏ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ‏,‏ حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏,‏ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ قَالَتْ‏:‏ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ مِنْ أَشْهُرِ السَّنَةِ أَكْثَرَ مِنْ صِيَامِهِ مِنْ شَعْبَانَ ‏,‏ كَانَ يَصُومُهُ كُلَّهُ‏.‏

حَدَّثَنَا الصَّنْعَانِيُّ ‏,‏ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ‏,‏ حَدَّثَنَا خَالِدٌ ‏,‏ حَدَّثَنَا هِشَامٌ ‏,‏ عَنْ يَحْيَى ‏,‏ وَذَكَرَ أَبَا سَلَمَةَ ‏,‏ أَنَّ عَائِشَةَ ‏,‏ حَدَّثَتْهُ

‏,‏ وَحَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى ‏,‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ سَنِيرٍ ‏,‏ عَنْ يَحْيَى ‏,‏ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ‏,‏ عَنْ عَائِشَةَ بِمِثْلِهِ‏.‏

وَزَادَ‏:‏ قَالَ‏:‏ وَكَانَ يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ خُذُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ ‏,‏ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا ‏"‏ ‏,‏ وَكَانَ أَحَبَّ الصَّلَاةِ إِلَيْهِ مَا دَاوَمَ عَلَيْهَا مِنْهَا- وَإِنْ قَلَّتْ- وَكَانَ إِذَا صَلَّى صَلَاةً أَثْبَتَهَا‏.‏

‏(‏144‏)‏ بَابُ بَدْءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِيَامِ عَاشُورَاءَ وَصَامَهُ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى ‏,‏ عَنْ هِشَامٍ ‏,‏ عَنْ أَبِيهِ ‏,‏ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ‏:‏ كَانَ يَوْمُ عَاشُورَاءَ يَوْمًا تَصُومُهُ قُرَيْشٌ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ‏,‏ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُهُ ‏,‏ فَلَمَّا قَدِمَ- يَعْنِي الْمَدِينَةَ - صَامَهُ ‏,‏ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ ‏,‏ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ فَكَانَ رَمَضَانُ هُوَ الْفَرِيضَةَ وَتَرَكَ عَاشُورَاءَ ‏,‏ فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَهُ ‏,‏ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ‏.‏

‏(‏145‏)‏ بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ بَدْءَ صِيَامِ عَاشُورَاءَ كَانَ قَبْلَ فَرْضِ صَوْمِ شَهْرِ رَمَضَانَ‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ‏,‏ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا سَلْمُ بْنُ جُنَادَةَ ‏,‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ‏,‏

وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى ‏,‏ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ ‏,‏ وَأَبُو مُعَاوِيَةَ ‏,‏ جَمِيعًا ‏,‏ عَنِ الْأَعْمَشِ ‏,‏ عَنْ عُمَارَةَ ‏,‏ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ‏:‏ دَخَلَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَهُوَ يَتَغَدَّى ‏,‏ وَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ‏:‏ ادْنُ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ فَاطْعَمْ ‏,‏ قَالَ‏:‏ إِنِّي صَائِمٌ ‏,‏ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ‏:‏ هَلْ تَدْرُونَ مَا كَانَ عَاشُورَاءُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ وَمَا كَانَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ كَانَ يَصُومُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ ‏,‏ ثُمَّ تَرَكَهُ‏.‏

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ ‏,‏ وَيُوسُفُ‏:‏ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ تَرَكَهُ‏.‏

قَالَ يُوسُفُ‏:‏ عَنْ عُمَارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ‏.‏

‏(‏146‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ تَرْكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْمَ عَاشُورَاءَ بَعْدَ نُزُولِ فَرْضِ صَوْمِ رَمَضَانَ إِنْ شَاءَ تَرَكَهُ ‏,‏ لَا أَنَّهُ كَانَ يَتْرُكُهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ ‏,‏ بَلْ كَانَ يَتْرُكُهُ إِنْ شَاءَ تَرْكَهُ ‏,‏ وَيَصُومُ إِنْ شَاءَ صَامَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى ‏,‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ‏,‏ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ ‏,‏ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ‏,‏ قَالَ‏:‏ كَانَ عَاشُورَاءُ يَوْمًا يَصُومُهُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ ‏,‏ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْهُ ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ يَوْمٌ مِنْ أَيَّامِ اللَّهِ ‏,‏ فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ ‏,‏ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ‏.‏

‏(‏147‏)‏ بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ غَلِطَ فِي مَعْنَاهُ عَالِمٌ مِمَّنْ لَمْ يَفْهَمْ مَعْنَى الْخَبَرِ ‏,‏ وَتَوَهَّمَ أَنَّ الْأَمْرَ لِصَوْمِ عَاشُورَاءَ جَمِيعًا مَنْسُوخٌ بِفَرْضِ صَوْمِ رَمَضَانَ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ خَبَرُ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ‏:‏ أُمِرْنَا بِصَوْمِ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ رَمَضَانُ ‏,‏ فَلَمَّا نَزَلَ رَمَضَانُ لَمْ نُؤْمَرْ بِهِ ‏,‏ خَرَّجْتُهُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ‏,‏ حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ ‏,‏ عَنْ أَشْعَثَ بْنِ أَبِي الشَّعْثَاءِ ‏,‏ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي ثَوْرٍ ‏,‏ عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ ‏,‏ قَالَ‏:‏ كُنَّا نَصُومُ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ ‏,‏ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحُثُّنَا عَلَيْهِ ‏,‏ وَيَتَعَهَّدُنَا عَلَيْهِ ‏,‏ فَلَمَّا افْتُرِضَ رَمَضَانُ لَمْ يَحُثَّنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَتَعَهَّدْنَا عَلَيْهِ ‏,‏ وَكُنَّا نَفْعَلُهُ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ خَبَرُ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ مَبْنِيٌّ بِخَبَرِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ‏,‏ وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ قَدْ كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ بَعْدَ نُزُولِ فَرْضِ رَمَضَانَ كَخَبَرِ ابْنِ عُمَرَ ‏,‏ وَعَائِشَةَ ‏,‏ فَمَنْ شَاءَ صَامَهُ ‏,‏ وَمَنْ شَاءَ لَمْ يَصُمْهُ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ سَأَلَنِي مُسَدَّدٌ- وَهُوَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا- عَنْ مَعْنَى خَبَرِ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ ‏,‏ فَقُلْتُ لَهُ مُجِيبًا لَهُ‏:‏ إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا أَمَرَ أُمَّتَهُ بِأَمْرٍ مَرَّةً وَاحِدَةً لَمْ يَجِبْ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ بِذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ ‏,‏ وَلَا فِي كُلِّ وَقْتٍ ثَانٍ ‏,‏ وَكَانَ مَا أَمَرَ بِهِ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ ‏,‏ فَعَلَى أُمَّتِهِ فِعْلُ ذَلِكَ الشَّيْءِ إِنْ كَانَ الْأَمْرُ أَمْرَ فَرْضٍ ‏,‏ فَالْفَرْضُ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ أَبَدًا حَتَّى يُخْبِرَ فِي وَقْتٍ ثَانٍ أَنَّ ذَلِكَ الْفَرْضَ سَاقِطٌ عَنْهُمْ ‏,‏ وَإِنْ كَانَ الْأَمْرُ أَمْرَ نَدْبٍ وَإِرْشَادٍ وَفَضِيلَةٍ كَانَ ذَلِكَ الْفِعْلُ فَضِيلَةً أَبَدًا ‏,‏ حَتَّى يَزْجُرَهُمْ عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ فِي وَقْتٍ ثَانٍ ‏,‏ وَلَيْسَ سَكْتُهُ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي بَعْدَ الْأَمْرِ بِهِ فِي الْوَقْتِ الْأَوَّلِ يُسْقِطُ فَرْضًا إِنْ كَانَ أَمَرَهُمْ فِي الِابْتِدَاءِ أَمْرَ فَرْضٍ ‏,‏ وَلَا كَانَ سُكُوتُهُ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي عَنِ الْأَمْرِ بِأَمْرِ الْفَضِيلَةِ مَا يُبْطِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الْفِعْلُ فِي الْوَقْتِ الثَّانِي فِعْلَ فَضِيلَةٍ؛ لِأَنَّهُ إِذَا أَمَرَ بِالشَّيْءِ مَرَّةً كَفَى ذَلِكَ الْأَمْرُ إِلَى الْأَبَدِ ‏,‏ إِلَّا أَنْ يَأْمُرَ بِضِدِّهِ ‏,‏ وَالسَّكْتُ لَا يَفْسَخُ الْأَمْرَ‏.‏ هَذَا مَعْنَى مَا أَجَبْتُ السَّائِلَ عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ‏,‏ وَلَعَلِّي زِدْتُ فِي الشَّرْحِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَلَى مَا أَجَبْتُ السَّائِلَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ‏.‏

‏(‏148‏)‏ بَابُ عِلَّةِ أَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِيَامِ عَاشُورَاءَ بَعْدَ مَقْدِمِهِ الْمَدِينَةَ وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ مَذْهَبِنَا فِي مَعْنَى ‏"‏ أَوْلَى ‏"‏ ضِدَّ مَذْهَبِ

مَنْ يَدَّعِي مَا لَا يُحْسِنُهُ مِنَ الْعِلْمِ ‏,‏ فَزَعَمَ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ‏:‏ فُلَانٌ

أَوْلَى بِفُلَانٍ مِنْ فُلَانٍ ‏,‏ إِلَّا أَنْ يَكُونَ لِفُلَانٍ أَيْضًا وِلَايَةٌ ‏,‏ وَلَوْ كَانَ عَلَى مَا

زَعَمَ ‏,‏ كَانَ الْيَهُودُ أَوْلِيَاءُ مُوسَى ‏,‏ وَالْمُسْلِمُونَ أَوْلَى بِهِ مِنْهُمْ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ ‏,‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ‏,‏ أَخْبَرَنَا أَبُو بِشْرٍ ‏,‏ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ‏,‏ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ‏,‏ قَالَ‏:‏ لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَجَدَ الْيَهُودَ يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ ‏,‏ فَسُئِلُوا عَنْ ذَلِكَ ‏,‏ فَقَالُوا‏:‏ هَذَا الْيَوْمُ الَّذِي أَظْهَرَ اللَّهُ فِيهِ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى فِرْعَوْنَ ‏,‏ وَنَحْنُ نَصُومُهُ تَعْظِيمًا لَهُ ‏,‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ نَحْنُ أَوْلَى بِمُوسَى مِنْكُمْ ‏"‏ ‏,‏ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ‏.‏

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمُ بْنُ بَشِيرٍ ‏,‏ عَنْ أَبِي بِشْرٍ بِهَذَا نَحْوَهُ‏.‏ قَالَ‏:‏ فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصَوْمِهِ‏.‏

قَالَ لَنَا أَبُو بَكْرٍ‏:‏ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ كَانَ سَأَلَنِي عَنْ هَذَا‏.‏

‏(‏149‏)‏ بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ أَمْرَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِصِيَامِ عَاشُورَاءَ لَمْ يَكُنْ بِأَمْرِ فَرْضٍ وَإِيجَابٍ بَدْءًا وَلَا عَدَدًا ‏,‏ وَأَنَّهُ كَانَ أَمْرَ فَضِيلَةٍ وَاسْتِحْبَابٍ‏.‏

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ ‏,‏ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ ‏,‏ عَنِ الزُّهْرِيِّ ‏,‏ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ‏,‏ عَنْ مُعَاوِيَةَ ‏,‏

خَطَبَ بِالْمَدِينَةِ فِي قَدْمَةٍ قَدِمَهَا يَوْمَ عَاشُورَاءَ ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ أَيْنَ عُلَمَاؤُكُمْ يَا أَهْلَ الْمَدِينَةِ‏؟‏ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ هَذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ وَلَمْ يُكْتَبْ عَلَيْكُمْ صِيَامُهُ ‏,‏ وَأَنَا صَائِمٌ ‏,‏ فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فَلْيَصُمْ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ لَا يَكُونُ ‏"‏ لَمْ ‏"‏ إِلَّا مَاضِيًا‏.‏

‏(‏150‏)‏ بَابُ فَضِيلَةِ صِيَامِ عَاشُورَاءَ وَتَحَرِّي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صِيَامَهُ؛ لِفَضْلِهِ مِنْ بَيْنِ الْأَيَّامِ خَلَا صِيَامَ رَمَضَانَ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ ‏,‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ‏,‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ- وَهُوَ ابْنُ أَبِي يَزِيدَ- وَأَتْقَنْتُهُ مِنْهُ‏:‏ سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ مَا عَلِمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَامَ يَوْمًا يَتَحَرَّى فَضْلَهُ إِلَّا عَاشُورَاءَ‏؟‏ وَهَذَا الشَّهْرُ شَهْرُ رَمَضَانَ‏.‏

‏(‏151‏)‏ بَابُ ذِكْرِ تَكْفِيرِ الذُّنُوبِ بِصِيَامِ عَاشُورَاءَ وَالْبَيَانِ أَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ يَتَقَدَّمُ الْفِعْلَ ‏,‏ الشَّيْءُ يَكُونُ بَعْدَهُ، فَيُكَفِّرُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ الذُّنُوبَ تَكُونُ بَعْدَ الْعَمَلِ الصَّالِحِ ‏,‏ لَا كَمَا يَتَوَهَّمُ مَنْ خَالَفَنَا فِي تَقْدِيمِ كَفَّارَةِ الْيَمِينِ قَبْلَ الْحِنْثِ ‏,‏ وَزَعَمَ أَنَّهُ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ الْمَرْءُ عَمَلًا صَالِحًا يُكَفِّرُ ذَنْبًا يَكُونُ بَعْدَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ ‏,‏ أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا غَيْلَانُ- وَهُوَ ابْنُ جَرِيرٍ- حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْبَدٍ- هُوَ الزِّمَّانِيُّ- عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ صِيَامُ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ‏,‏ إِنِّي لَأَحْسَبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ ‏,‏ وَصِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ فَإِنِّي لَأَحْسَبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالَّتِي بَعْدَهُ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ أَعْلَمَ صِيَامَ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالَّتِي بَعْدَهُ ‏,‏ فَدَلَّ أَنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ قَدْ يَتَقَدَّمُ الْفِعْلَ فَيَكُونُ الْعَمَلُ الصَّالِحُ الْمُتَقَدِّمُ يُكَفَّرُ السَّنَةَ الَّتِي تَكُونُ بَعْدَهُ‏.‏

‏(‏152‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ تَرْكِ الْأُمَّهَاتِ إِرْضَاعَ الْأَطْفَالِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ تَعْظِيمًا لِيَوْمِ عَاشُورَاءَ ‏,‏ إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ ‏,‏ فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ خَالِدِ بْنِ ذَكْوَانَ‏.‏

عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ ‏,‏ قَالَتْ‏:‏ أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى قُرَى الْأَنْصَارِ الَّتِي حَوْلَ الْمَدِينَةِ‏:‏ ‏"‏ مَنْ كَانَ أَصْبَحَ صَائِمًا فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ ‏,‏ وَمَنْ كَانَ أَصْبَحَ مُفْطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ‏"‏ فَكُنَّا بَعْدُ نَصُومُهُ ‏,‏ وَنُصَوِّمُ صِبْيَانَنَا الصِّغَارَ ‏,‏ وَنَذْهَبُ بِهِمْ إِلَى الْمَسْجِدِ ‏,‏ فَنَجْعَلُ لَهُمُ اللُّعْبَةَ مِنَ الْعِهْنِ ‏,‏ فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُمْ أَعْطَيْنَاهُ إِيَّاهُ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَ الْإِفْطَارِ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ رَوَاهُ أَبُو الْمُطَرِّفِ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ ‏,‏ حَدَّثَنَا عُلَيْلَةُ بِنْتُ الْكُمَيْتِ، عَنْ أُمِّهَا أُمَيْنَةَ، عَنْ أَمَةِ اللَّهِ وَهِيَ بِنْتُ رُزَيْنَةَ قَالَتْ‏:‏ قُلْتُ لِأُمِّي‏:‏ أَسَمِعْتِ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَاشُورَاءَ‏؟‏ قَالَتْ‏:‏ كَانَ يُعَظِّمُهُ ‏,‏ وَيَدْعُو بِرُضَعَائِهِ وَرُضَعَاءِ فَاطِمَةَ ‏,‏ فَيَتْفُلُ فِي أَفْوَاهِهِمْ ‏,‏ وَيَأْمُرُ أُمَّهَاتِهِنَّ أَلَّا يُرْضِعْنَ إِلَى اللَّيْلِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُطَرِّفِ بْنُ أَبِي الْوَزِيرِ ‏,‏ وَهَذَا مِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ الْحَدِيثِ‏.‏ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ‏,‏ حَدَّثَنَا مَسْلَمَةُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ‏,‏ حَدَّثَتْنَا عَلِيلَةُ بِنْتُ الْكُمَيْتِ الْعَتَكِيَّةُ قَالَتْ‏:‏ سَمِعْتُ أُمِّي أُمَيْنَةَ بِمِثْلِهِ‏.‏ وَزَادَ‏:‏ فَكَانَ اللَّهُ يَكْفِيهِمْ ‏,‏ وَقَالَ‏:‏ وَكَانَتْ أُمُّهَا خَادِمَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏,‏ يُقَالُ لَهَا‏:‏ رُزَيْنَةُ‏.‏

‏(‏153‏)‏ بَابُ الْأَمْرِ بِصِيَامِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ‏,‏ وَإِنْ أَصْبَحَ الْمَرْءُ غَيْرَ نَاوٍ لِلصِّيَامِ غَيْرُ مُجْمِعٍ عَلَى الصِّيَامِ مِنَ اللَّيْلِ ‏,‏ وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏"‏ لَا صِيَامَ لِمَنْ لَا يُجْمِعُ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ ‏"‏ صَوْمَ الْوَاجِبِ دُونَ صَوْمِ التَّطَوُّعِ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو هَاشِمٍ زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ ‏,‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ‏,‏ أَخْبَرَنَا حُصَيْنٌ ‏,‏ عَنِ الشَّعْبِيِّ ‏,‏ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيٍّ الْأَنْصَارِيِّ ‏,‏ قَالَ‏:‏ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ أَصُمْتُمْ يَوْمَكُمْ هَذَا‏؟‏ ‏"‏ فَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ نَعَمْ ‏,‏ وَقَالَ بَعْضُهُمْ‏:‏ لَا ‏,‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَأَتِمُّوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ هَذَا ‏"‏ ‏,‏ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُؤْذِنُوا أَهْلَ الْعُرُوضِ أَنْ يُتِمُّوا بَقِيَّةَ يَوْمِهِمْ ذَلِكَ‏.‏

‏(‏154‏)‏ بَابُ الْأَمْرِ بِصِيَامِ بَعْضِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْمَرْءُ بِيَوْمِ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يَطْعَمَ وَالْفَرَقُ فِي الصَّوْمِ بَيْنَ عَاشُورَاءَ وَبَيْنَ غَيْرِهِ ‏,‏ إِذْ صَوْمُ بَعْضِ يَوْمٍ لَا يَكُونُ صَوْمًا فِي غَيْرِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ ‏,‏ لِمَا خَصَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ ‏,‏ فَأَمَرَ بِصَوْمِ بَعْضِ ذَلِكَ الْيَوْمِ ‏,‏ وَإِنْ كَانَ الْمَرْءُ قَدْ طَعِمَ أَوَّلَ النَّهَارِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى ‏,‏ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا سَلَمَةُ وَهُوَ ابْنُ الْأَكْوَعِ ‏,‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ‏:‏ ‏"‏ أَذِّنْ فِي قَوْمِكَ أَوْ فِي النَّاسِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ أَنَّ مَنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ ‏,‏ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ أَكَلَ فَلْيَصُمْ

2093- خَبَرُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ‏,‏ وَمُحَمَّدِ بْنِ صَيْفِيٍّ ‏,‏ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمِنْهَالِ الْخُزَاعِيِّ ‏,‏ عَنْ عَمِّهِ وَأَسْمَاءَ بْنِ حَارِثَةَ ‏,‏ وَبَعْجَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ ‏,‏ عَنْ أَبِيهِ ‏,‏ كُلُّهُمْ

عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْمَعْنَى ‏,‏ وَقَدْ خَرَّجْتُهُ فِي ‏"‏ كِتَابِ الْكَبِيرِ‏.‏

‏(‏155‏)‏ بَابُ ذِكْرِ التَّخْيِيرِ بَيْنَ صِيَامِ عَاشُورَاءَ وَإِفْطَارِهِ وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِصَوْمِ يَوْمِ عَاشُورَاءَ أَمْرُ نَدْبٍ وَإِرْشَادٍ وَفَضِيلَةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى ‏,‏ حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ ‏,‏ أَخْبَرَنَا عُمَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا سَالِمٌ ‏,‏ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ‏,‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ الْيَوْمُ عَاشُورَاءُ ‏,‏ فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُمْهُ ‏,‏ وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ

خَبَرُ عَائِشَةَ وَمُعَاوِيَةَ مِنْ هَذَا الْبَابِ‏.‏

‏(‏156‏)‏ بَابُ الْأَمْرِ بِأَنْ يُصَامَ قَبْلَ عَاشُورَاءَ يَوْمًا أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا مُخَالَفَةً لِفِعْلِ الْيَهُودِ فِي صَوْمِ عَاشُورَاءَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ‏,‏ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ‏,‏ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ ‏,‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى ‏,‏ عَنْ دَاوُدَ بْنِ عَلِيٍّ ‏,‏ عَنْ أَبِيهِ ‏,‏ عَنْ جَدِّهِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ صُومُوا يَوْمَ عَاشُورَاءَ ‏,‏ وَخَالِفُوا الْيَهُودَ ‏,‏ صُومُوا قَبْلَهُ يَوْمًا ‏,‏ أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا‏.‏

‏(‏157‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ يَوْمِ التَّاسِعِ مِنَ الْمُحَرَّمِ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ عَمْرٍو ‏,‏ حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ الْأَعْرَجِ قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ رِدَاءَهُ ‏,‏ فَسَأَلْتُهُ عَنْ صِيَامِ عَاشُورَاءَ ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ اعْدُدْ ‏,‏ فَإِذَا أَصْبَحْتَ يَوْمَ التَّاسِعِ مِنْ مُحَرَّمٍ فَأَصْبِحْ صَائِمًا ‏,‏ قَالَ‏:‏ قُلْتُ‏:‏ أَكَذَاكَ كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ كَذَاكَ كَانَ يَصُومُ‏.‏

حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ‏,‏ حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ‏,‏ عَنْ حَاجِبِ بْنِ عُمَرَ ‏,‏ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ بِمِثْلِهِ ‏,‏

وَهُوَ مُتَوَسِّدٌ رِدَاءَهُ فِي زَمْزَمَ

حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ‏,‏ أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ‏,‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ‏,‏ عَنْ حَاجِبِ بْنِ عُمَرَ ‏,‏ عَنِ الْحَكَمِ بْنِ الْأَعْرَجِ ‏,‏ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ‏:‏ فِي يَوْمِ عَاشُورَاءَ قَالَ‏:‏ هُوَ يَوْمُ التَّاسِعِ‏.‏ قُلْتُ‏:‏ كَذَلِكَ صَامَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏؟‏‏.‏

‏(‏158‏)‏ بَابُ فَضْلِ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ ‏,‏ وَتَكْفِيرِ الذُّنُوبِ بِلَفْظِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ خَبَرُ أَبِي قَتَادَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ صَوْمُ عَرَفَةَ يُكَفَّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ وَالسُّنَّةَ الْمُقْبِلَةَ ‏"‏ أَمْلَيْتُهُ فِي بَابِ صَوْمِ عَاشُورَاءَ‏.‏

‏(‏159‏)‏ بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ‏.‏

حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبِيُّ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَيَوْمُ النَّحْرِ، وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ، عِيدُنَا أَهْلَ الْإِسْلَامِ، وَهِيَ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ

حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سَالِمٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عَلِيٍّ اللَّخْمِيِّ بِمِثْلِ حَدِيثِ وَكِيعٍ‏.‏

‏(‏160‏)‏ بَابُ ذِكْرِ خَبَرٍ مُفَسِّرٍ لِلَّفْظَتَيْنِ الْمُجْمَلَتَيْنِ اللَّتَيْنِ ذَكَرْتُهُمَا، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا كَرِهَ صَوْمَ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَاتٍ لَا غَيْرِهِ، وَفِيهِ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ‏:‏ صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ، وَالسَّنَةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ بِغَيْرِ عَرَفَاتٍ‏.‏

2100- حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا أَبُو دِحْيَةَ حَوْشَبُ بْنُ عُقَيْلٍ الْجَرْمِيُّ، حَدَّثَنَا الْعَبْدِيُّ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَاتٍ‏.‏

‏(‏161‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ الْإِفْطَارِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَاتٍ اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتَقَوِّيًا بِالْفِطْرِ عَلَى الدُّعَاءِ، إِذِ الدُّعَاءُ يَوْمَ عَرَفَةَ أَفْضَلُ الدُّعَاءِ أَوْ مِنْ أَفْضَلِهِ‏.‏

2101- حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ- يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ- حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ أُمِّهِ أُمِّ الْفَضْلِ‏:‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَفْطَرَ بِعَرَفَةَ، أُتِيَ بِلَبَنٍ فَشَرِبَ‏.‏

‏(‏162‏)‏ بَابُ ذِكْرِ إِفْطَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ

2103- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ‏:‏‏:‏ ‏"‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَصُمِ الْعَشْرَ

وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ فِي حَدِيثِهِ‏:‏ قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ‏.‏

‏(‏163‏)‏ بَابُ ذِكْرِ عِلَّةٍ قَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْرُكُ لَهَا بَعْضَ أَعْمَالِ التَّطَوُّعِ، وَإِنْ كَانَ يَحُثُّ عَلَيْهَا، وَهِيَ خَشْيَةَ أَنْ يُفْرَضَ عَلَيْهِمْ ذَلِكَ الْفِعْلُ مَعَ اسْتِحْبَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا خُفِّفَ عَلَى النَّاسِ مِنَ الْفَرَائِضِ

2104- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتْرُكُ الْعَمَلَ وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَفْعَلَهُ خَشْيَةَ أَنْ يُسْتَنَنَ بِهِ، فَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ، وَكَانَ يُحِبُّ مَا خَفَّ عَلَى النَّاسِ مِنَ الْفَرَائِضِ‏.‏

‏(‏164‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ يَوْمٍ وَإِفْطَارِ يَوْمٍ، وَالْإِعْلَامِ بِأَنَّهُ صَوْمُ نَبِيِّ اللَّهِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

2105- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبَانَ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ كُنْتُ رَجُلًا مُجْتَهِدًا، فَزَوَّجَنِي أَبِي، ثُمَّ زَارَنِي، فَقَالَ لِلْمَرْأَةِ‏:‏ كَيْفَ تَجِدِينَ بَعْلَكِ‏؟‏ فَقَالَتْ‏:‏ نِعْمَ الرَّجُلُ مِنْ رَجُلٍ لَا يَنَامُ، وَلَا يُفْطِرُ قَالَ‏:‏ فَوَقَعَ بِي أَبِي، ثُمَّ قَالَ‏:‏ زَوَّجْتُكَ امْرَأَةً مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَعَضَلْتَهَا، فَلَمْ أُبَالِ مَا قَالَ لِي مِمَّا أَجِدُ مِنَ الْقُوَّةِ وَالِاجْتِهَادِ، إِلَى أَنْ بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ لَكِنِّي أَنَامُ وَأُصَلِّي، وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ، فَنَمْ وَصَلِّ، وَأَفْطِرْ، وَصُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ‏"‏، فَقُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَصُمْ صَوْمَ دَاوُدَ، صُمْ يَوْمًا وَأَفْطِرْ يَوْمًا، وَاقْرَأِ الْقُرْآنَ فِي كُلِّ شَهْرٍ ‏"‏، قُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ اقْرَأْهُ فِي خَمْسَ عَشْرَةَ ‏"‏، قُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَنَا أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ قَالَ حُصَيْنٌ‏:‏ فَذَكَرَ لِي مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ أَنَّهُ بَلَغَ سَبْعًا، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً، وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ، فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّتِي فَقَدِ اهْتَدَى، وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ‏:‏ لَأَنْ أَكُونَ قَبِلْتُ رُخْصَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي مِثْلُ أَهْلِي وَمَالِي، وَأَنَا الْيَوْمَ شَيْخٌ قَدْ كَبِرْتُ وَضَعُفْتُ، وَأَكْرَهُ أَنْ أَتْرُكَ مَا أَمَرَنِي بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-‏.‏

‏(‏165‏)‏ بَابُ الْإِخْبَارِ بِأَنَّ صَوْمَ يَوْمٍ، وَفِطْرَ يَوْمٍ أَفْضَلُ الصِّيَامِ، وَأَحَبُّهُ إِلَى اللَّهِ وَأَعْدَلُهُ

2106- حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ- أَمْلَى مِنْ أَصْلِهِ- حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ الْفَيَّاضِ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الصَّوْمِ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ صُمْ يَوْمًا مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقِيَ ‏"‏، قُلْتُ‏:‏ إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ صُمْ يَوْمَيْنِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقِيَ ‏"‏، قُلْتُ‏:‏ إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ صُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقِيَ ‏"‏، قُلْتُ‏:‏ إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ صُمْ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقِيَ ‏"‏ قَالَ‏:‏ إِنِّي أُطِيقُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ أَحَبَّ الصِّيَامِ صَوْمُ دَاوُدَ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا

2107- قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ فِي خَبَرِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، ‏"‏ صُمْ صِيَامَ دَاوُدَ فَإِنَّهُ أَعْدَلُ الصِّيَامِ عِنْدَ اللَّهِ

2108- وَفِي خَبَرِ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو‏:‏ ‏"‏ أَفْضَلُ الصِّيَامِ صَوْمُ دَاوُدَ ‏"‏ خَرَّجْتُ طُرُقَ هَذِهِ الْأَخْبَارِ فِي ‏"‏ كِتَابِ الْكَبِيرِ‏.‏

‏(‏166‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا خَبَّرَ أَنَّ صِيَامَ دَاوُدَ أَعْدَلُ الصِّيَامِ وَأَفْضَلُهُ، وَأَحَبُّهُ إِلَى اللَّهِ إِذْ صَائِمُ يَوْمٍ، مُفْطِرُ يَوْمٍ يَكُونُ مُؤَدِّيًا لِحَظِّ نَفْسِهِ وَعَيْنِهِ وَأَهْلِهِ أَيَّامَ فِطْرِهِ، وَلَا يَكُونُ مُضَيِّعًا لِحَظِّ نَفْسِهِ وَعَيْنِهِ وَأَهْلِهِ

2109- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ تَسْنِيمٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدٌ- يَعْنِي ابْنَ بَكْرٍ- وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَا‏:‏ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ عَطَاءً، يَزْعُمُ أَنَّ أَبَا الْعَبَّاسِ الشَّاعِرَ، أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَقُولُ‏:‏ بَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي أَسْرُدُ، وَأُصَلِّي اللَّيْلَ قَالَ‏:‏ وَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَيْهِ، وَإِمَّا لَقِيَهُ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ وَلَا تُفْطِرُ، وَتُصَلِّي اللَّيْلَ‏؟‏ فَلَا تَفْعَلْ؛ فَإِنَّ لِعَيْنَيْكَ حَظًّا، وَلِنَفْسِكَ حَظًّا، وَلِأَهْلِكَ حَظًّا، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَصَلِّ وَنَمْ، وَصُمْ كُلَّ عَشَرَةِ أَيَّامٍ يَوْمًا، وَلَكَ أَجْرُ تِسْعَةٍ ‏"‏ قَالَ‏:‏ فَإِنِّي أَجِدُنِي أَقْوَى لِذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَصُمْ صِيَامَ دَاوُدَ ‏"‏ قَالَ‏:‏ وَكَيْفَ كَانَ دَاوُدُ يَصُومُ يَا رَسُولَ اللَّهِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ كَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا، وَلَا يَفِرُّ إِذَا لَاقَى ‏"‏ قَالَ‏:‏ مَنْ لِي بِهَذِهِ يَا نَبِيَّ اللَّهِ‏؟‏ قَالَ عَطَاءٌ‏:‏ فَلَا أَدْرِي كَيْفَ ذَكَرَ صِيَامَ الْأَبَدِ‏؟‏ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ لَا صَامَ مَنْ صَامَ الْأَبَدَ

هَذَا حَدِيثُ الْبُرْسَانِيِّ‏.‏

وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ قَالَ‏:‏ إِنِّي أَصُومُ، أَسْرُدُ، وَقَالَ‏:‏ فَإِمَّا أَرْسَلَ إِلَيَّ، وَقَالَ‏:‏ إِنِّي أَجِدُنِي أَقْوَى مِنْ ذَلِكَ‏.‏

‏(‏167‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ دَاوُدَ كَانَ مِنْ أَعْبَدِ النَّاسِ إِذَا كَانَ صَوْمُهُ مَا ذَكَرْنَا

2110- حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ‏:‏ أَرْسَلَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ‏؟‏ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ، وَقَالَ‏:‏ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ صُمْ صَوْمَ دَاوُدَ؛ فَإِنَّهُ كَانَ أَعْبَدَ النَّاسِ، كَانَ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمًا ‏"‏، ثُمَّ قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّكَ لَا تَدْرِي، لَعَلَّهُ أَنْ يَطُولَ بِكَ الْعُمُرُ ‏"‏، فَلَوَدِدْتُ أَنِّي كُنْتُ قَبِلْتُ الرُّخْصَةَ الَّتِي أَمَرَنِي بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏.‏

‏(‏168‏)‏ بَابُ ذِكْرِ تَمَنِّي النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتِطَاعَةَ صَوْمِ يَوْمٍ، وَإِفْطَارِ يَوْمَيْنِ

2111- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَنَا حَمَّادٌ- يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ- حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيُّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ عُمَرُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ يَوْمَيْنِ، وَيُفْطِرُ يَوْمًا‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ وَيُطِيقُ ذَلِكَ أَحَدٌ‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ يَوْمًا وَيُفْطِرُ يَوْمًا‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ ذَاكَ صَوْمُ دَاوُدَ ‏"‏ قَالَ‏:‏ فَكَيْفَ بِمَنْ يَصُومُ يَوْمًا، وَيُفْطِرُ يَوْمَيْنِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ وَدِدْتُ أَنِّي طُوِّقْتُ ذَلِكَ‏.‏

‏(‏169‏)‏ بَابُ فَضْلِ الصَّوْمِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمُبَاعَدَةِ اللَّهِ الْمَرْءَ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا بِذِكْرِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ

2112- حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ- يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ اللَّهِ- عَنْ سُهَيْلٍ، وَهُوَ ابْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ لَا يَصُومُ يَوْمًا عَبْدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِلَّا بَاعَدَ اللَّهُ بِذَلِكَ الْيَوْمِ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا‏.‏

‏(‏170‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا

وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ صَوْمَ الْيَوْمِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّمَا يُبَاعَدُ اللَّهُ صَائِمَهُ بِهِ عَنِ النَّارِ أَنَّهُ إِذَا صَامَهُ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ، إِذِ اللَّهُ- جَلَّ وَعَلَا لَا يَقْبَلُ مِنَ الْأَعْمَالِ إِلَّا مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا‏.‏

2113- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ مَا مِنْ عَبْدٍ يَصُومُ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ إِلَّا بَاعَدَ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ وَبَيْنَ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا‏.‏

‏(‏171‏)‏ بَابُ فَضْلِ إِتْبَاعِ صِيَامِ رَمَضَانَ بِصِيَامِ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ، فَيَكُونُ كَصِيَامِ السَّنَةِ كُلِّهَا

2114- حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ- يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ الدَّرَاوَرْدِيَّ- عَنْ صَفْوَانَ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَسَعْدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتَّةَ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ، فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ‏.‏

‏(‏172‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَعْلَمَ أَنَّ صِيَامَ رَمَضَانَ وَسِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالٍ يَكُونُ كَصِيَامِ الدَّهْرِ، إِذِ اللَّهُ- عَزَّ وَجَلَّ- جَعَلَ الْحَسَنَةَ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، أَوْ يَزِيدُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ

2115- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، وَالْحُسَيْنُ بْنُ نَصْرِ بْنِ الْمُعَارِكِ الْمِصْرِيَّانِ قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمْزَةَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ الْحَارِثِ الذِّمَارِيِّ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ الرَّحَبِيِّ، عَنْ ثَوْبَانَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ صِيَامُ رَمَضَانَ بِعَشَرَةِ أَشْهُرٍ، وَصِيَامُ السِّتَّةِ أَيَّامٍ بِشَهْرَيْنِ، فَذَلِكَ صِيَامُ السَّنَةِ ‏"‏، يَعْنِي رَمَضَانَ وَسِتَّةَ أَيَّامٍ بَعْدَهُ‏.‏

‏(‏173‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ الِاثْنَيْنِ، وَيَوْمِ الْخَمِيسِ وَتَحَرِّي صَوْمِهِمَا؛ اقْتِدَاءً بِفِعْلِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

2116- حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ الشَّهِيدِ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَمَانٍ، عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ سَوَاءٍ الْخُزَاعِيِّ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ‏.‏

‏(‏174‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وُلِدَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ، وَفِيهِ أُوحِيَ إِلَيْهِ، وَفِيهِ مَاتَ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

2117- حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَأَبُو مُوسَى قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، أَيْضًا، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ مَهْدِيِّ بْنِ مَيْمُونٍ كُلُّهُمْ عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيِّ، يَعْنِي عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ‏:‏ بَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْبَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ، فَقَالَ‏:‏ يَا نَبِيَّ اللَّهِ، صَوْمُ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ أَمُوتُ فِيهِ ‏"‏ هَذَا حَدِيثُ قَتَادَةَ‏.‏

وَفِي حَدِيثِ وَكِيعٍ‏:‏ سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُذْكَرْ عُمَرَ، وَقَالَ‏:‏ ‏"‏ فِيهِ وُلِدْتُ، وَفِيهِ أُوحِيَ إِلَيَّ

2118- وَحَدِيثُ شُعْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ صَوْمِهِ، فَغَضِبَ، وَسُئِلَ عَنْ صَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ قَالَ‏:‏ ‏"‏ ذَاكَ يَوْمٌ- يَعْنِي الِاثْنَيْنِ- وُلِدْتُ فِيهِ وَبُعِثْتُ فِيهِ ‏"‏- أَوْ قَالَ‏:‏ ‏"‏ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ

وَفِي حَدِيثِ شُعْبَةَ‏:‏ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيَّ‏.‏

‏(‏175‏)‏ بَابٌ فِي اسْتِحْبَابِ صَوْمِ يَوْمِ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ فِيهِمَا تُعْرَضُ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ

2119- حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي يَزِيدَ وَرَّاقٌ الْفِرْيَابِيِّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنِي شُرَحْبِيلُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أُسَامَةَ قَالَ‏:‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ وَالْخَمِيسِ، وَيَقُولُ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ هَذَيْنِ الْيَوْمَيْنِ تُعْرَضُ فِيهِمَا الْأَعْمَالُ

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، أَخْبَرَهُ، عَنْ مُسْلِمِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ تُعْرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ فِي كُلِّ جُمُعَةٍ مَرَّتَيْنِ‏:‏ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ، وَيَوْمُ الْخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ مُؤْمِنٍ، إِلَّا عَبْدٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيَقُولُ‏:‏ اتْرُكُوا، أَوْ أَرْجِئُوا هَذَيْنِ حَتَّى يَفِيئَا

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ هَذَا الْخَبَرُ فِي ‏"‏ مُوَطَّأِ مَالِكٍ ‏"‏ مَوْقُوفٌ غَيْرُ مَرْفُوعٍ، وَهُوَ فِي ‏"‏ مُوَطَّأِ ابْنِ وَهْبٍ ‏"‏ مَرْفُوعٌ صَحِيحٌ‏.‏

‏(‏176‏)‏ بَابُ فَضْلِ صَوْمِ يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَإِعْطَاءِ اللَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ- صَائِمَ يَوْمٍ وَاحِدٍ مِنَ الشَّهْرِ ‏"‏ مَعَ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُرِدْ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏[‏مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا‏]‏ ‏[‏الْأَنْعَامِ‏:‏ 160‏]‏ أَنَّهُ لَا يُعْطِي بِالْحَسَنَةِ الْوَاحِدَةِ أَكْثَرَ مِنْ عَشْرِ أَمْثَالِهَا، إِذِ النَّبِيُّ الْمُصْطَفَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُبَيِّنُ عَنْهُ- عَزَّ وَجَلَّ- قَدْ أَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ يُعْطِي بِصَوْمِ يَوْمٍ وَاحِدٍ جَزَاءَ شَهْرٍ تَامٍّ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ الْعَنْبَرِيُّ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ زِيَادِ بْنِ فَيَّاضٍ، عَنْ أَبِي عِيَاضٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الصَّوْمِ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ صُمْ يَوْمًا مِنَ الشَّهْرِ، وَلَكَ أَجْرُ مَا بَقِيَ‏.‏

‏(‏177‏)‏ بَابُ الْأَمْرِ بِصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرِ اسْتِحْبَابًا لَا إِيجَابًا

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ- وَهُوَ ابْنُ أَبِي حَرْمَلَةَ- عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ، لَا أَدَعُهُنَّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَبَدًا، أَوْصَانِي بِصَلَاةِ الضُّحَى، وَبِالْوَتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ، وَبِصَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ

حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ هِلَالٍ الصَّوَّافُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ- يَعْنِي ابْنَ سَعِيدٍ- الْعَنْبَرِيَّ، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ أَوْصَانِي خَلِيلِي أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلَاثٍ‏:‏ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَالْوَتْرِ قَبْلَ النَّوْمِ، وَرَكْعَتَيِ الضُّحَى‏.‏

‏(‏178‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِصَوْمِ الثَّلَاثِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَمْرُ نَدْبٍ لَا أَمْرُ فَرْضٍ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ فِي خَبَرِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فِي مَسْأَلَةِ الْأَعْرَابِيِّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْإِسْلَامِ قَالَ فِيهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ وَصَوْمُ رَمَضَانَ ‏"‏ قَالَ‏:‏ هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهُ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ لَا، إِلَّا أَنْ تَطَوَّعَ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، أَخْبَرَنَا أَبِي، وَشُعَيْبٌ قَالَا‏:‏ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِنْدَ أَنَّ مُطَرِّفًا- مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ صَعْصَعَةَ- حَدَّثَهُ، أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ أَبِي الْعَاصِ الثَّقَفِيَّ دَعَا لَهُ بِلَبَنٍ يَسْقِيهِ، فَقَالَ مُطَرِّفٌ‏:‏ إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ‏:‏ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ الصَّوْمُ جُنَّةٌ مِنَ النَّارِ، كَجُنَّةِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْقِتَالِ وَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ صِيَامٌ حَسَنٌ، صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ‏.‏

‏(‏179‏)‏ بَابُ ذِكْرِ تَفَضُّلِ اللَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى الصَّائِمِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ بِإِعْطَائِهِ أَجْرَ صِيَامِ الدَّهْرِ بِالْحَسَنَةِ الْوَاحِدَةِ عَشْرَ أَمْثَالِهَا

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا غَيْلَانُ بْنُ جَرِيرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيُّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ غَيْلَانَ بْنِ جَرِيرٍ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَعْبَدٍ الزِّمَّانِيَّ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ صَوْمُ الدَّهْرِ

هَذَا لَفْظُ حَدِيثِ شُعْبَةَ‏.‏

وَفِي حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ‏"‏ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ، فَهَذَا صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ أَخْبَارُ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو فِي هَذَا الْمَعْنَى خَرَّجْتُهُ فِي ‏"‏ كِتَابِ الْكَبِيرِ

قَالَ‏:‏ وَفِي خَبَرِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو‏:‏ ‏"‏ فَإِنَّ كُلَّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا؛ فَإِنَّ ذَاكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ

وَكَذَاكَ فِي خَبَرِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ‏:‏ وَتَصْدِيقُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ اللَّهِ‏:‏ مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا‏.‏ ‏[‏الْأَنْعَامِ‏:‏ 160‏]‏‏.‏

‏(‏180‏)‏ بَابُ اسْتِحْبَابِ صِيَامِ هَذِهِ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَيَّامِ الْبِيضِ مِنْهَا

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ قَالَ‏:‏ قَالَ عُمَرُ‏:‏ مَنْ حَاضِرُنَا يَوْمَ الْقَاحَةِ‏؟‏ قَالَ أَبُو ذَرٍّ‏:‏ أَنَا شَهِدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِأَرْنَبٍ- وَقَالَ مَرَّةً‏:‏ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ بِأَرْنَبٍ- فَقَالَ الَّذِي جَاءَ بِهَا‏:‏ إِنِّي رَأَيْتُهَا كَأَنَّهَا تَدْمَى، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ مِنْهَا، فَقَالَ لَهُمْ‏:‏ ‏"‏ كُلُوا ‏"‏، فَقَالَ رَجُلٌ‏:‏ إِنِّي صَائِمٌ، قَالَ‏:‏ ‏"‏ وَمَا صَوْمُكَ‏؟‏ ‏"‏ فَأَخْبَرَهُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَأَيْنَ أَنْتَ عَنِ الْبِيضِ الْغُرِّ‏؟‏ ‏"‏ قَالَ‏:‏ وَمَا هُنَّ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ ‏"‏ وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ بِمِثْلِهِ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ قَدْ خَرَّجْتُ هَذَا الْبَابِ بِتَمَامِهِ فِي ‏"‏ كِتَابِ الْكَبِيرِ ‏"‏، وَبَيَّنْتُ أَنَّ مُوسَى بْنَ طَلْحَةَ قَدْ سَمِعَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ قِصَّةَ الصَّوْمِ، دُونَ قِصَّةِ الْأَرْنَبِ‏.‏ وَرَوَى عَنِ ابْنِ الْحَوْتَكِيَّةِ الْقِصَّتَيْنِ جَمِيعًا

حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَعْمَشِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَامٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ قَالَ‏:‏ قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِذَا صُمْتَ مِنَ الشَّهْرِ فَصُمْ ثَلَاثَ عَشْرَةَ، وَأَرْبَعَ عَشْرَةَ، وَخَمْسَ عَشْرَةَ‏.‏

‏(‏181‏)‏ بَابُ إِبَاحَةِ صَوْمِ هَذِهِ الْأَيَّامِ الثَّلَاثَةِ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ أَوَّلَ الشَّهْرِ؛ مُبَادَرَةً بِصَوْمِهِمَا خَوْفَ أَنْ لَا يُدْرِكَ الْمَرْءُ صَوْمَهَا أَيَّامَ الْبِيضِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ النَّحْوِيُّ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ‏:‏ ‏"‏ كَانَ يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ غُرَّةِ كُلِّ شَهْرٍ، وَيَكُونُ مِنْ صَوْمِهِ يَوْمُ الْجُمُعَةِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ هَذَا الْخَبَرُ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَخَبَرِ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‏:‏ أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلَاثٍ‏:‏ صَوْمِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ، وَأَوْصَى بِذَلِكَ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَبِصَوْمِ أَيْضًا أَيَّامَ الْبِيضِ، فَيُجْمَعُ صَوْمَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنَ الشَّهْرِ، مَعَ صَوْمِ أَيَّامِ الْبِيضِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى فِعْلِهِ وَمَا أَوْصَى بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ مُبَادَرَةً بِهَذَا الْفِعْلِ بَدَلَ صَوْمِ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ الْبِيضِ، إِمَّا لِعِلَّةٍ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ سَفْرَةٍ، أَوْ خَوْفِ نُزُولِ الْمَنِيَّةِ‏.‏

‏(‏182‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ صَوْمَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يَقُومُ مَقَامَ صِيَامِ الدَّهْرِ، كَانَ صَوْمُ الثَّلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ، أَوْ مِنْ وَسَطِهِ، أَوْ مِنْ آخِرِهِ

2129- قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ فِي خَبَرِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو‏:‏ ‏"‏ فَإِنَّ كُلَّ حَسَنَةٍ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا‏.‏

فَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ- يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ- حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ يَزِيدَ- وَهُوَ الرِّشْكُ- عَنْ مُعَاذَةَ قَالَتْ‏:‏ سَأَلْتُ عَائِشَةَ‏:‏ أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ مِنَ الشَّهْرِ أَوْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ‏؟‏ قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ نَعَمْ ‏"‏ قَالَتْ‏:‏ مِنْ أَيِّهِ‏؟‏ قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ لَمْ يَكُنْ يُبَالِي مِنْ أَيِّهِ صَامَ‏.‏

‏(‏183‏)‏ بَابُ ذِكْرِ إِيجَابِ اللَّهِ- عَزَّ وَجَلَّ- الْجَنَّةَ لِلصَّائِمِ يَوْمًا وَاحِدًا إِذَا جَمَعَ مَعَ صَوْمِهِ صَدَقَةً، وَشُهُودَ جَنَازَةٍ، وَعِيَادَةَ مَرِيضٍ

حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يَزِيدَ الْبَحْرَانِيُّ، أَمْلَى بِبَغْدَادَ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا‏؟‏ ‏"‏ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ أَنَا، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مِسْكِينًا‏؟‏ ‏"‏ قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ أَنَا، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ تَبِعَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ جَنَازَةً‏؟‏ ‏"‏ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ أَنَا، قَالُ‏:‏ ‏"‏ مَنْ عَادَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ مَرِيضًا‏؟‏ ‏"‏ قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ مَا اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الْخِصَالُ قَطُّ فِي رَجُلٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ هَذَا الْخَبَرُ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي بَيَّنْتُ فِي كِتَابِ الْإِيمَانِ، فَلَوْ كَانَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ قَالَ‏:‏ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ ‏"‏، دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الْإِيمَانِ، قَوْلُ‏:‏ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، لَكَانَ فِي هَذَا الْخَبَرِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ جَمِيعَ الْإِيمَانِ صَوْمُ يَوْمٍ، وَإِطْعَامُ مِسْكِينٍ، وَشُهُودُ جَنَازَةٍ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، لَكِنْ هَذِهِ فَضَائِلُ لِهَذِهِ الْأَعْمَالِ، لَا كَمَا يَدَّعِي مَنْ لَا يَفْهَمُ الْعِلْمَ، وَلَا يُحْسِنُهُ‏.‏

‏(‏184‏)‏ بَابٌ فِي صِفَةِ صَوْمِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَلَا مَا تَقَدَّمَ ذِكْرِنَا لَهُ بِذِكْرِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا سَالِمُ بْنُ نُوحٍ، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ‏:‏ سَأَلْتُ عَائِشَةَ‏:‏ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الضُّحَى‏؟‏ قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ لَا إِلَّا أَنْ يَجِيءَ مِنْ مَغِيبِهِ ‏"‏، وَسَأَلْتُهَا‏:‏ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا تَامًّا‏؟‏ قَالَتْ‏:‏ لَا، وَاللَّهِ مَا صَامَ شَهْرًا تَامًّا غَيْرَ رَمَضَانَ، حَتَّى مَضَى لِسَبِيلِهِ، وَمَا مَضَى شَهْرٌ حَتَّى يُصِيبَ مِنْهُ، وَمَا أَفْطَرَهُ حَتَّى يُصِيبَ مِنْهُ ‏"‏ وَسَأَلْتُهَا‏:‏ هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي مَعَ السَّحَرِ‏؟‏ قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ لَا، وَلَا الْمُصَلِّينَ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ تَعْنِي الَّذِينَ يُصَلُّونَ بِاللَّيْلِ الْكَثِيرَ‏.‏

‏(‏185‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسِّرِ لِلَّفْظَةِ الْمُجْمَلَةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا

وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ عَائِشَةَ إِنَّمَا أَرَادَتْ‏:‏ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَصُمْ شَهْرًا تَامًّا غَيْرَ رَمَضَانَ، شَهْرَ شَعْبَانَ الَّذِي كَانَ يَصِلُ صَوْمَهُ بِصَوْمِ رَمَضَانَ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ قَدْ أَمْلَيْتُ خَبَرَ أَبِي سَلَمَةَ، وَعَائِشَةَ فِي مُوَاصَلَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعْبَانَ بِرَمَضَانَ

حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، وَبَحْرُ بْنُ نَصْرٍ قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، حَدَّثَنَا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَهُ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ، عَنْ صِيَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ‏:‏ ‏"‏ كَانَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ‏:‏ لَا يُفْطِرُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ‏:‏ لَا يَصُومُ، وَكَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ أَوْ عَامَّةَ شَعْبَانَ‏.‏

‏(‏186‏)‏ بَابُ ذِكْرِ صَوْمِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ مِنَ الشَّهْرِ، وَإِفْطَارِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ بَعْدَهَا مِنَ الشَّهْرِ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ- يَعْنِي ابْنَ جَعْفَرٍ-، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، حَدَّثَنَا خَالِدٌ- يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ- قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ‏:‏ سُئِلَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ‏:‏ عَنْ صَوْمِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ كَانَ يَصُومُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَرَى أَنَّهُ لَا يُرِيدُ يُفْطِرُ مِنْهُ شَيْئًا، وَيُفْطِرُ مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى نَرَى أَنَّهُ لَا يُرِيدُ يَصُومُ مِنْهُ شَيْئًا، وَكُنْتَ لَا تَشَاءُ أَنْ تَرَاهُ مِنَ اللَّيْلِ مُصَلِّيًا إِلَّا رَأَيْتَهُ، وَلَا نَائِمًا إِلَّا رَأَيْتَهُ

هَذَا حَدِيثُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ‏.‏

وَفِي حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ‏:‏ سُئِلَ أَنَسٌ عَنْ صَلَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَوْمِهِ تَطَوُّعًا‏.‏

أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ ابْنَ وَهْبٍ، أَخْبَرَهُمْ قَالَ‏:‏ وَأَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّهَا قَالَتْ‏:‏ ‏"‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى أَعْرِفَ عَنْهُ، وَيُفْطِرُ حَتَّى أَقُولَ مَا هُوَ بِصَائِمٍ، وَكَانَ أَكْثَرُ صِيَامِهِ فِي شَعْبَانَ‏.‏

‏(‏187‏)‏ بَابُ ذِكْرِ مَا أَعَدَّ اللَّهُ- جَلَّ وَعَلَا- فِي الْجَنَّةِ مِنَ الْغُرَفِ لِمُدَاوِمِ صِيَامِ التَّطَوُّعِ ‏"‏ إِنْ صَحَّ الْخَبَرُ؛ فَإِنَّ فِي الْقَلْبِ مِنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ أَبِي شَيْبَةَ الْكُوفِيِّ، وَلَيْسَ هُوَ بِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ الْمُلَقَّبِ بِعَبَّادٍ الَّذِي رَوَى عَنْ سَعِيدِ الْمَقْبُرِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ، وَغَيْرِهِمَا، هُوَ صَالِحُ الْحَدِيثِ مَدَنِيٌّ، سَكَنَ وَاسِطَ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى الْبَصْرَةِ، وَلَسْتُ أَعْرِفُ ابْنَ مُعَانِقٍ، وَلَا أَبَا مُعَانِقٍ الَّذِي رَوَى عَنْهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ أَمَّا خَبَرُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ أَبِي شَيْبَةَ؛ فَإِنَّ ابْنَ الْمُنْذِرِ، حَدَّثَنَا قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَغُرَفًا، يُرَى ظُهُورُهَا مِنْ بُطُونِهَا، وَبُطُونُهَا مِنْ ظُهُورِهَا فَقَامَ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لِمَنْ هِيَ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ هِيَ لِمَنْ قَالَ طَيِّبَ الْكَلَامِ، وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَدَامَ الصِّيَامَ، وَقَامَ لِلَّهِ بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ

وَأَمَّا خَبَرُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ‏:‏ قَالَ الْحَسَنُ بْنُ مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنِ ابْنِ مُعَانِقٍ، أَوْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَغُرْفَةً، قَدْ يُرَى ظَاهِرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا، وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرِهَا، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِمَنْ أَطْعَمَ الطَّعَامَ، وَأَلْيَنَ الْكَلَامَ، وَتَابَعَ الصِّيَامَ، وَصَلَّى بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ‏.‏

‏(‏188‏)‏ بَابُ ذِكْرِ صَلَاةِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى الصَّائِمِ عِنْدَ أَكْلِ الْمُفْطِرِينَ عِنْدَهُ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ مَوْلَاةٍ، يُقَالُ لَهَا‏:‏ لَيْلَى، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ عُمَارَةَ بِنْتِ كَعْبٍ، يَعْنِي جَدَّةَ حَبِيبِ بْنِ زَيْدٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَيْهَا وَهِيَ صَائِمَةٌ، فَقَرَّبَتْ إِلَيْهِ طَعَامًا، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ تَعَالَيْ فَكُلِي ‏"‏، فَقَالَتْ‏:‏ إِنِّي صَائِمَةٌ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ الصَّائِمُ إِذَا أُكِلَ عِنْدَهُ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى- يَعْنِي ابْنَ يُونُسَ- عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ حَبِيبٍ، أَوْ حَبِيبٍ الْأَنْصَارِيِّ- شَكَّ عَلِيٌّ- قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ مَوْلَاةً لَنَا يُقَالُ لَهَا‏:‏ لَيْلَى، عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ عُمَارَةَ بِنْتِ كَعْبٍ بِمِثْلِهِ سَوَاءً، وَزَادَ‏:‏ ‏"‏ حَتَّى يَفْرُغُوا، أَوْ يَقْضُوا أَكْلَهُ ‏"‏- شُعْبَةُ شَكَّ- قَالَ عَلِيٌّ‏:‏ قَالَ وَكِيعٌ‏:‏ حَبِيبٌ

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ لَيْلَى، عَنْ مَوْلَاتِهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ الصَّائِمُ إِذَا أَكَلَ عِنْدَهُ الْمَفَاطِيرُ صَلَّتْ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ حَتَّى يُمْسِيَ‏.‏

‏(‏189‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ، وَإِنْ لَمْ يُجْمِعِ الْمَرْءُ عَلَى الصَّوْمِ مِنَ اللَّيْلِ

وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ‏:‏ ‏"‏ لَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُجْمِعِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ ‏"‏، وَصَوْمُ الْوَاجِبِ دُونَ صَوْمِ التَّطَوُّعِ‏.‏

حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، وَأَبُو قِلَابَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ‏:‏ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحِبُّ طَعَامَنَا، فَجَاءَ يَوْمًا فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ ذَلِكِ الطَّعَامِ‏؟‏ ‏"‏، فَقُلْتُ‏:‏ لَا، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنِّي صَائِمٌ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ قَدْ ذَكَرْنَا أَخْبَارَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صِيَامِ عَاشُورَاءَ وَأَمْرِهِ بِالصَّوْمِ مَنْ لَمْ يَجْمَعْ صِيَامَهُ مِنَ اللَّيْلِ فِي أَبْوَابِ صَوْمِ عَاشُورَاءَ‏.‏

‏(‏190‏)‏ بَابُ إِبَاحَةِ الْفِطْرِ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ النَّهَارِ، وَالْمَرْءُ نَاوٍ لِلصَّوْمِ فِيمَا مَضَى مِنَ النَّهَارِ

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَكِيمٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا طَلْحَةُ بْنُ يَحْيَى قَالَ‏:‏ قَالَ حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى، عَنْ عَمَّتِهِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ‏:‏ دَخَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ‏؟‏ ‏"‏، قُلْنَا‏:‏ لَا، قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَإِنِّي إِذًا صَائِمٌ ‏"‏ قَالَتْ‏:‏ ثُمَّ جَاءَ يَوْمًا آخَرَ فَقُلْنَا‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، فَخَبَّأْنَا لَكَ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ أَدْنِيهِ، فَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا ‏"‏ فَأَكَلَ‏.‏

هَذَا حَدِيثُ وَكِيعٍ‏.‏

‏(‏191‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْفِطْرَ فِي صَوْمِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ دُخُولِهِ فِيهِ مُجْمِعًا عَلَى صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ خِلَافَ مَذْهَبِ مَنْ رَأَى إِيجَابَ إِعَادَةِ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ عَلَيْهِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ الْعُمَرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْسٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ‏:‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آخَى بَيْنَ سَلْمَانَ وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، فَجَاءَ سَلْمَانُ يَزُورُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَوَجَدَ أُمَّ الدَّرْدَاءِ مُتَبَذِّلَةً، فَقَالَ لَهَا‏:‏ مَا شَأْنُكِ‏؟‏ فَقَالَتْ‏:‏ إِنَّ أَخَاكَ لَيْسَتْ لَهُ حَاجَةٌ فِي الدُّنْيَا- زَادَ يُوسُفُ‏:‏ يَصُومُ النَّهَارَ وَيَقُومُ اللَّيْلَ- قَالَا‏:‏ فَلَمَّا جَاءَ أَبُو الدَّرْدَاءِ فَرَحَّبَ بِهِ، وَقَرَّبَ إِلَيْهِ طَعَامًا، فَقَالَ لَهُ‏:‏ كُلْ، فَقَالَ‏:‏ أَوَلَسْتُ أَطْعَمُ‏؟‏ فَقَالَ‏:‏ مَا أَنَا بِآكِلٍ حَتَّى تَأْكُلَ، فَأَكَلَ مَعَهُ، وَبَاتَ عِنْدَهُ، فَلَمَّا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ ذَهَبَ أَبُو الدَّرْدَاءِ يَقُومُ، فَحَبَسَهُ سَلْمَانُ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ الْفَجْرِ قَالَ‏:‏ قُمِ الْآنَ، فَقَامَا فَصَلَّيَا، فَقَالَ لَهُ سَلْمَانُ‏:‏ إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ وَلِضَيْفِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، فَأَمَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذُكِرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ صَدَقَ سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ‏.‏

‏(‏192‏)‏ بَابُ تَمْثِيلِ الصَّوْمِ فِي الشِّتَاءِ بِالْغَنِيمَةِ الْبَارِدَةِ، وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الشَّيْءَ قَدْ يُشَبَّهُ بِمَا يُشْبِهُهُ فِي بَعْضِ الْمَعَانِي لَا فِي كُلِّهَا‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ نُمَيْرِ بْنِ عَرِيبٍ الْعَبْسِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ الْغَنِيمَةُ الْبَارِدَةُ الصَّوْمُ فِي الشِّتَاءِ‏.‏

‏(‏193‏)‏ جُمَّاعُ أَبْوَابِ ذِكْرِ الْأَيَّامِ

وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ يَنْهَى عَنِ الشَّيْءِ، وَيَسْكُتُ عَنْ غَيْرِهِ غَيْرَ مُبِيحٍ لِمَا سَكَتَ عَنْهُ؛ إِذِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ زَجَرَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ فِي الْأَخْبَارِ الَّتِي رُوِيَتْ عَنْهُ فِي النَّهْيِ عَنْ صَوْمِهِمَا، وَلَمْ يَكُنْ فِي نَهْيِهِ عَنْ صَوْمِهِمَا وَلَمْ يَكُنْ فِي نَهْيِهِ عَنْ صَوْمِهِمَا إِبَاحَةُ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، إِذْ قَدْ نَهَى أَيْضًا عَنْ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَخْبَارِ الَّتِي نَهَى فِيهَا عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ الْأَضْحَى

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ شَهِدَ عِنْدِي رِجَالٌ مَرْضِيُّونَ، فِيهِمْ عُمَرُ، وَأَرْضَاهُمْ عِنْدِي عُمَرُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ لَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَلَا صَلَاةَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعَصْرِ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ ‏"‏ وَنَهَى عَنْ صَوْمِ يَوْمَيْنِ‏:‏ يَوْمِ الْفِطْرِ، وَيَوْمِ النَّحْرِ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ‏.‏

‏(‏194‏)‏ بَابُ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِدَلَالَةٍ بِتَصْرِيحِ نَهْيٍ‏.‏

حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَزَرِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْقُطَعِيُّ قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ مَسْعُودِ بْنِ الْحَكَمِ، عَنْ أُمَّهِ، أَنَّهَا حَدَّثَتْهُ قَالَتْ‏:‏ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى عَلِيٍّ عَلَى بَغْلَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْبَيْضَاءِ فِي شِعْبِ الْأَنْصَارِ، وَهُوَ يَقُولُ‏:‏ أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنَّهَا لَيْسَتْ أَيَّامَ صَوْمٍ، إِنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ‏.‏

‏(‏195‏)‏ بَابُ الزَّجْرِ عَنْ صِيَامِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بِتَصْرِيحِ نَهْيٍ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْمُطَّلِبِ قَالَ‏:‏ دَعَا أَعْرَابِيًّا إِلَى طَعَامِهِ وَذَلِكَ بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ‏:‏ إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ‏:‏ إِنِّي سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ‏:‏ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي‏:‏ ‏"‏ يَنْهَى عَنْ صِيَامِ هَذِهِ الْأَيَّامِ

أَخْبَرَنِي ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّ أَبَاهُ، وَشُعَيْبًا، أَخْبَرَاهُمْ، قَالَا‏:‏ أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْهَادِ، عَنْ أَبِي مُرَّةَ، مَوْلَى عُقَيْلٍ، أَنَّهُ دَخَلَ هُوَ وَعَبْدُ اللَّهِ عَلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ وَذَلِكَ الْغَدَ أَوْ بَعْدَ الْغَدِ مِنْ يَوْمِ الْأَضْحَى، فَقَرَّبَ إِلَيْهِمْ عَمْرٌو طَعَامًا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ‏:‏ إِنِّي صَائِمٌ، فَقَالَ لَهُ عَمْرٌو‏:‏ أَفْطِرْ، فَإِنَّ هَذِهِ الْأَيَّامَ الَّتِي كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِفِطْرِهَا، وَيَنْهَى عَنْ صِيَامِهَا، فَأَفْطَرَ عَبْدُ اللَّهِ، فَأَكَلَ وَأَكَلْتُ مَعَهُ‏.‏ نَهْيُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ‏.‏

‏(‏196‏)‏ بَابُ ذِكْرِ النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا نُهِيَ عَنْهُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وَأَبُو دَاوُدَ قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ مَا صَامَ، وَمَا أَفْطَرَ، أَوْ لَا صَامَ وَلَا أَفْطَرَ

حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، أَخْبَرَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ بْنِ الشِّخِّيرِ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ- يَعْنِي ابْنَ عُلَيَّةَ- عَنْ سَعِيدِ بْنِ إِيَاسٍ الْجُرَيْرِيِّ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الشِّخِّيرِ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ‏:‏ قِيلَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ إِنَّ فُلَانًا لَا يُفْطِرُ نَهَارَ الدَّهْرِ قَالَ‏:‏ ‏"‏ لَا صَامَ، وَلَا أَفْطَرَ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ النَّهْيُ عَنِ الصَّلَاةِ، قَتَادَةُ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ مَشْهُورٌ، وَأَمَّا فِي الصَّوْمِ، فَقَتَادَةُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، فَهُوَ غَرِيبٌ‏.‏

‏(‏197‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الْعِلَّةِ الَّتِي لَهَا زَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صَوْمِ الدَّهْرِ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَقُومُ اللَّيْلَ وَتَصُومُ النَّهَارَ‏؟‏ ‏"‏ قُلْتُ‏:‏ إِنِّي لَأَفْعَلُ قَالَ‏:‏ ‏"‏ وَلَا تَفْعَلْ، فَإِنَّكَ إِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ هَجَمَتْ عَيْنُكَ، وَنَفِهَتْ نَفْسُكَ، وَإِنَّ لِنَفْسِكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ حَقًّا، وَلِعَيْنِكَ حَقًّا، فَنَمْ وَقُمْ، وَصُمْ وَأَفْطِرْ ‏"‏ مَعْنًى وَاحِدًا‏.‏

هَذَا حَدِيثُ عَبْدِ الْجَبَّارِ‏.‏

وَلَمْ يَقُلِ الْمَخْزُومِيُّ‏:‏ ‏"‏ وَلَا تَفْعَلْ‏.‏

‏(‏198‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ فِي صَوْمِ الدَّهْرِ إِذَا أَفْطَرَ الْمَرْءُ الْأَيَّامَ الَّتِي زُجِرَ عَنِ الصِّيَامِ فِيهِنَّ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ بْنِ كُرَيْبٍ الْهَمْدَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عِمْرَانَ بْنِ أَبِي أَنَسٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيِّ قَالَ‏:‏ كُنْتُ أَسْرُدُ الصَّوْمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصُومُ وَلَا أُفْطِرُ، أَفَأَصُومُ فِي السَّفَرِ‏؟‏ قَالَ‏:‏ ‏"‏ إِنْ شِئْتَ فَصُمْ، وَإِنْ شِئْتَ فَأَفْطِرْ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ خَرَّجْتُ طُرُقَ هَذَا الْخَبَرِ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ‏.‏

‏(‏199‏)‏ بَابُ فَضْلِ صِيَامِ الدَّهْرِ إِذَا أَفْطَرَ الْأَيَّامَ الَّتِي زُجِرَ عَنِ الصِّيَامِ فِيهَا

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَأَبُو مُوسَى قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ، عَنِ الْأَشْعَرِيِّ- يَعْنِي أَبَا مُوسَى- عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ مَنْ صَامَ الدَّهْرَ ضُيِّقَتْ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ هَكَذَا ‏"‏ وَعَقَدَ تِسْعِينَ

حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى، وَمُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بَزِيعٍ قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي تَمِيمَةَ الْهُجَيْمِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ ‏"‏ الَّذِي يَصُومُ الدَّهْرَ تُضَيَّقُ عَلَيْهِ جَهَنَّمُ تَضَيُّقَ هَذِهِ ‏"‏ وَعَقَدَ تِسْعِينَ‏.‏

قَالَ ابْنُ بَزِيعٍ فِي الَّذِي يَصُومُ الدَّهْرَ، وَقَالَ‏:‏ وَعَقَدَ التِّسْعِينَ‏.‏

سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى يَقُولُ‏:‏ اسْمُ أَبِي تَمِيمَةَ طَرَفُ بْنُ مُجَالِدٍ، سَمِعَهُ مِنْ مَسْلَمَةَ بْنِ الصَّلْتِ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ جَهْضَمٍ الْهُجَيْمِيِّ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ لَمْ يُسْنِدْ هَذَا الْخَبَرَ عَنْ قَتَادَةَ غَيْرُ ابْنِ أَبِي عَدِيٍّ عَنْ سَعِيدٍ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ سَأَلْتُ الْمُزَنِيَّ عَنْ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ‏:‏ يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ، أَيْ‏:‏ ضُيِّقَتْ عَنْهُ جَهَنَّمُ، فَلَا يَدْخُلُ جَهَنَّمَ، وَلَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ غَيْرَ هَذَا؛ لِأَنَّ مَنِ ازْدَادَ لِلَّهِ عَمَلًا، وَطَاعَةً، ازْدَادَ عِنْدَ اللَّهِ رِفْعَةً، وَعَلَيْهِ كَرَامَةً، وَإِلَيْهِ قُرْبَةً‏.‏ هَذَا مَعْنَى جَوَابِ الْمُزَنِيِّ

حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرِ بْنِ سَابِقٍ الْخَوْلَانِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ‏:‏ وَحَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ يُحَدِّثُ عَنْ عَامِرِ بْنِ جَشِيبٍ، أَنَّهُ سَمِعَ زُرْعَةَ بْنَ ثَوْبٍ يَقُولُ‏:‏ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ عَنْ صِيَامِ الدَّهْرِ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ كُنَّا نَعُدُّ أُولَئِكَ فِينَا مِنَ السَّابِقِينَ ‏"‏ قَالَ‏:‏ وَسَأَلْتُهُ عَنْ صِيَامِ يَوْمٍ، وَفِطْرِ يَوْمٍ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ لَمْ يَدَعْ ذَلِكَ لِصَائِمٍ مَصَامًا ‏"‏، وَسَأَلْتُهُ عَنْ صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ قَالَ‏:‏ ‏"‏ صَامَ ذَلِكَ الدَّهْرَ وَأَفْطَرَهُ‏.‏

‏(‏200‏)‏ بَابُ ذِكْرِ أَخْبَارٍ رُوِيَتْ عَنِ النَّبِيِّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ مُجْمَلَةٍ غَيْرِ مُفَسَّرَةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْجَبَّارِ بْنُ الْعَلَاءِ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ قَالَا‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ جَعْدَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو الْقَارِي يَقُولُ‏:‏ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ- وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ- ‏"‏ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ مَا أَنَا نَهَيْتُ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَبِّ الْكَعْبَةِ نَهَى عَنْهَا

قَالَ سَعِيدٌ‏:‏ عَنْ يَحْيَى بْنِ جَعْدَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْقَارِي، وَلَمْ يَقُلْ‏:‏ وَهُوَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ‏.‏

‏(‏201‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الْخَبَرِ الْمُفَسَّرِ فِي النَّهْيِ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَالدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْهُ إِذَا أُفْرِدَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ بِالصِّيَامِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُصَامَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ الْأَشَجُّ، حَدَّثَنَا أَبُو نُمَيْرٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ لَا تَصُومُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلَّا وَقَبْلَهُ يَوْمٌ، أَوْ بَعْدَهُ يَوْمٌ

رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ عُمَرَ بْنِ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، عَنْ أَبِيهِ‏.‏

وَمُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ‏.‏

‏(‏202‏)‏ بَابُ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمُ عِيدٍ وَأَنَّ النَّهْيَ عَنْ صِيَامِهِ إِذْ هُوَ عِيدٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْجُمُعَةِ، وَبَيْنَ الْعِيدَيْنِ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى، إِذْ جَاءَ بِنَهْيِ صَوْمِهِمَا مُفْرَدًا، وَلَا مَوْصُولًا بِصِيَامٍ قَبْلُ وَلَا بَعْدُ

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَاشِمٍ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ لُدَيْنٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ إِنَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ يَوْمُ عِيدٍ، فَلَا تَجْعَلُوا يَوْمَ عِيدِكُمْ يَوْمَ صِيَامِكُمْ، إِلَّا أَنْ تَصُومُوا قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ أَبُو بِشْرٍ هَذَا شَامِيٌّ، لَيْسَ بِأَبِي بِشْرٍ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ صَاحِبِ شُعْبَةَ وَهُشَيْمٍ‏.‏

‏(‏203‏)‏ بَابُ أَمْرِ الصَّائِمِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مُفْرَدًا بِالْفِطْرِ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ النَّهَارِ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، وَعَبْدُ الْأَعْلَى، عَنْ سَعِيدٍ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّنْعَانِيُّ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ- يَعْنِي ابْنَ الْحَارِثِ- حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو‏:‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى جُوَيْرِيَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ وَهِيَ صَائِمَةٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَقَالَ‏:‏ ‏"‏ أَصُمْتِ أَمْسِ‏؟‏ ‏"‏ قَالَتْ‏:‏ لَا قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَتَصُومِينَ غَدًا‏؟‏ ‏"‏ قَالَتْ‏:‏ لَا، قَالَ‏:‏ ‏"‏ فَأَفْطِرِي

وَقَالَ هَارُونُ‏:‏ ‏"‏ أَتُرِيدِينَ الصِّيَامَ غَدًا‏؟‏‏.‏

‏(‏204‏)‏ بَابُ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ تَطَوُّعًا إِذَا أُفْرِدَ بِالصَّوْمِ بِذِكْرِ خَبَرٍ مُجْمَلٍ غَيْرِ مُفَسَّرٍ بِلَفْظٍ عَامٍّ مُرَادُهُ خَاصٌّ، وَأَحْسِبُ أَنَّ النَّهْيَ عَنْ صِيَامِهِ، إِذِ الْيَهُودُ تُعَظِّمُهُ، وَقَدِ اتَّخَذَتْهُ عِيدًا بَدَلَ الْجُمُعَةِ

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْقَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، عَنْ أُخْتِهِ- وَهِيَ الصَّمَّاءُ- قَالَتْ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ لَا تَصُومُوا يَوْمَ السَّبْتِ، إِلَّا فِيمَا افْتُرِضَ عَلَيْكُمْ، وَإِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا عُودَ عِنَبَةٍ، أَوْ لِحَاءَ شَجَرَةٍ فَلْيَمْضُغْهَا

حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبَانَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ- وَهُوَ ابْنُ صَالِحٍ- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّتِهِ الصَّمَّاءِ، أُخْتِ بُسْرٍ، أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ‏:‏ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ صِيَامِ يَوْمِ السَّبْتِ، وَيَقُولُ‏:‏ ‏"‏ إِنْ لَمْ يَجِدْ أَحَدُكُمْ إِلَّا عُودًا أَخْضَرَ فَلْيُفْطِرْ عَلَيْهِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ خَالَفَ مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ ثَوْرَ بْنَ يَزِيدَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ، فَقَالَ ثَوْرٌ‏:‏ عَنْ أُخْتِهِ- يُرِيدُ أُخْتَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ‏.‏

قَالَ مُعَاوِيَةُ‏:‏ عَنْ عَمَّتِهِ الصَّمَّاءِ أُخْتِ بُسْرٍ، عَمَّةِ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ، لَا أُخْتَ أَبِيهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ‏.‏

‏(‏205‏)‏ بَابُ ذِكْرِ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ تَطَوُّعًا إِذَا أُفْرِدَ بِصَوْمٍ لَا إِذَا صَامَ صَائِمٌ يَوْمًا قَبْلَهُ أَوْ يَوْمًا بَعْدَهُ‏.‏

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ فِي إِخْبَارِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ إِلَّا أَنْ يُصَامَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أَبَاحَ صَوْمَ يَوْمَ السَّبْتِ إِذَا صَامَ قَبْلَهُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ أَوْ بَعْدَهُ يَوْمًا‏.‏

حَدَّثَنَا عَبْدَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْخُزَاعِيُّ، أَخْبَرَنَا زَيْدٌ- يَعْنِي ابْنَ الْحُبَابِ- حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ عَامِرٍ الْأَشْعَرِيِّ- وَهُوَ ابْنُ لُدَيْنٍ- أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ‏:‏ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ الْجُمُعَةُ عِيدٌ، فَلَا تَجْعَلُوا يَوْمَ الْجُمُعَةِ صِيَامًا، إِلَّا أَنْ يُصَامَ قَبْلَهُ أَوْ بَعْدَهُ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ فَقَدْ رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَوْمِ يَوْمِ السَّبْتِ إِذَا صَامَ صَائِمٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَهُ‏.‏

‏(‏206‏)‏ بَابُ الرُّخْصَةِ فِي يَوْمِ السَّبْتِ إِذَا صَامَ يَوْمَ الْأَحَدِ بَعْدَهُ

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ كُرَيْبًا مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَنَاسًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثُونِي إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ، أَسْأَلُهَا الْأَيَّامَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ لَهَا صِيَامًا‏؟‏ فَقَالَتْ‏:‏ يَوْمُ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ، فَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ، فَأَخْبَرْتُهُمْ، وَكَأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا ذَلِكَ، فَقَامُوا بِأَجْمَعِهِمْ إِلَيْهَا، فَقَالُوا‏:‏ إِنَّا بَعَثْنَا إِلَيْكِ هَذَا فِي كَذَا وَكَذَا، وَذَكَرَ أَنَّكِ قُلْتِ‏:‏ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَتْ‏:‏ صَدَقَ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَكْثَرَ مَا كَانَ يَصُومُ مِنَ الْأَيَّامِ يَوْمَ السَّبْتِ وَالْأَحَدِ، كَانَ يَقُولُ‏:‏ ‏"‏ إِنَّهُمَا يَوْمَا عِيدٍ لِلْمُشْرِكِينَ وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَهُمْ‏.‏

‏(‏207‏)‏ بَابُ النَّهْيِ عَنْ صَوْمِ الْمَرْأَةِ تَطَوُّعًا بِغَيْرِ إِذَنِ زَوْجِهَا إِذَا كَانَ زَوْجُهَا حَاضِرًا غَيْرُ غَائِبٍ عَنْهَا ‏"‏ بِذِكْرِ خَبَرٍ لَفْظُهُ خَاصٌّ مُرَادُهُ عَامٌّ، مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي نَقُولُ‏:‏ إِنَّ الْأَمْرَ إِذَا كَانَ لِعِلَّةٍ فَمَتَى كَانَتِ الْعِلَّةُ قَائِمَةً كَانَ الْأَمْرُ وَاجِبًا‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو عَمَّارٍ الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، بَلَغَ بِهِ‏:‏ ‏"‏ لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ

قَالَ أَبُو بَكْرٍ‏:‏ ‏"‏ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ ‏"‏ مِنْ غَيْرِ شَهْرِ رَمَضَانَ ‏"‏ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي نَقُولُ‏:‏ إِنَّ الْأَمْرَ إِذَا كَانَ لِعِلَّةٍ فَمَتَى كَانَتِ الْعِلَّةُ قَائِمَةً وَالْأَمْرُ قَائِمٌ، فَالْأَمْرُ قَائِمٌ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أَبَاحَ لِلْمَرْأَةِ صَوْمَ شَهْرِ رَمَضَانَ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا، إِذْ صَوْمُ رَمَضَانَ وَاجِبٌ عَلَيْهَا، كَانَ كُلُّ صَوْمٍ صَوْمَ وَاجِبٍ مِثْلَهُ جَائِزٌ لَهَا أَنْ تَصُومَ بِغَيْرِ إِذْنِ زَوْجِهَا، وَلِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كِتَابٌ مُفْرَدٌ، قَدْ بَيَّنْتُ الْأَمْرَ الَّذِي هُوَ لِعِلَّةٍ، وَالزَّجْرَ الَّذِي هُوَ لِعِلَّةٍ‏.‏

‏(‏208‏)‏ بَابُ ذِكْرِ أَبْوَابِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ ‏"‏ وَالتَّأْلِيفِ بَيْنَ الْأَخْبَارِ الْمَأْثُورَةِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيهَا مَا يَحْسِبُ كَثِيرٌ مِنْ حَمَلَةِ الْعِلْمِ مِمَّنْ لَا يَفْهَمُ صِنَاعَةَ الْعِلْمِ أَنَّهَا مُتَهَاتِرَةٌ مُتَنَافِيَةٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ هِيَ عِنْدَنَا بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ بَلْ هِيَ مُخْتَلِفَةُ الْأَلْفَاظِ مُتَّفِقَةُ الْمَعْنَى عَلَى مَا سَأُبَيِّنُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ‏.‏